: آخر تحديث

تخلعوا ولا تسرفوا

61
68
57
مواضيع ذات صلة

الخلاعة مصطلح يختلف تفسيره في تونس عن غيره في أي دولة عربية. الخلاعة على الطريقة التونسية مرتبطة بالصيف حصرا. فأن تتخلع على الطريقة التونسية يعني أنك ستذهب إلى البحر لإمضاء بضعة أيام “خليعة”.

تقترب الخلاعة في مفهومها التونسي قليلا من المفهوم الذي غنته أم كلثوم في “الخلاعة والدلاعة مذهبي”.. وهي الأغنية الخليعة الوحيدة التي غنَّتها أم كلثوم في تاريخها الفني الذي اقترب من ستين سنة من الطرب! وكانت الأغنية من كلمات الشاعر يونس القاضي، مؤلف النشيد الوطني المصري “بلادي بلادي لكِ حُبِّي وفؤادي”!

المهم، من “إيجابيات” انتشار فايروس كورونا في العالم، التخفيضات الكبيرة التي أقرتها الفنادق في تونس هذا العام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الموسم السياحي مما أتاح للتونسي إمكانية الخلاعة في النزل وليس في منزل قريب من البحر على وجه الكراء يتكدس فيه عشرون شخصا.

يستفيق “المتخلع” يوم ذهابه إلى النزل ليضع على فيسبوك “على سفر” للمكان الذي يقصده وعندما يصل يعلم الجميع بتدوينة يخبرنا فيها أنه “سعيد” أو “تعب جدا” وكأنه سافر فوق جمل.

وينشر سي التونسي صورة في الاستقبال ويملأ ورقة الاستعلامات. ثم يدخل إلى الغرفة يلتقط ست صور أو سبعًا..  للفراش والجدران والسقف وطبعا لا يفوّت فرصة تصوير المنظر من الشباك أو الشرفة، ينشرها كلها في حينها. ثم ينطلق نحو المطعم.

أما الأكل فحكاية أخرى؛ إنه يملأ ستة صحون من البيفاي وكأنه بحياته لم ير مقرونة أو عجة، ستة صحون أخرى لجميع أنواع المحليات والغلال. طبعا ترمى ثلاثة أرباعها.

يمسح فمه ويسحب عصا السيلفي، يأخذ صورة ويرسلها في حينها ثم يرجع إلى البيت ليلبس المايوه ويخرج إلى البحر.

يذهب المتخلع إلى البحر للسباحة، قبل الارتماء في البحر يقف ليلتقط صورة بالمايوه على الشاطئ. وإذا كان لديه هاتف ذكي يصور تحت الماء فيلتقط خمسين سيلفي تحت الماء، طبعا لن يفوت الفرصة.

بعدها ينطلق نحو مسبح الفندق لالتقاط صور بنظاراته الشمسية وقد وضع يديه على حافة المسبح طبعا مبتسما، المهم الابتسامة.

بعد السباحة يعود إلى غرفته لأخذ دوش ثم يلتقط صورة وهو يرتشف كأس شاي أخضر في الأغلب في باحة استقبال الفندق.

تبقى تعيش مع المتخلع التونسي كل لحظة من خلاعته.. إنها الطقوس التونسية الحصرية.

أخيرا.. انتهت الخلاعة، يكتب على فيسبوك “اتجاه” المكان الذي أتى منه ويزيدها تعليقا من نوع “أحلى جوّ”.

أي تشابه في الأشخاص أو الأحداث هو من محض الصدفة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد