: آخر تحديث

من مالي إلى مصر.. ازدواجية موصوفة

44
46
49
مواضيع ذات صلة

من كان ينكر شرعية السيسي هو نفسه كان أول من يعترف بانقلاب عسكري كامل الأوصاف ويزور مالي.

بعد أسبوعين تقريباً على اندلاع ثورة 25 يناير(كانون الثاني) 2011 في مصر، تنحى الرئيس المصري حسني مبارك تحت الضغط عن موقعه في رئاسة الجمهورية وفقاً لما قاله حينها رئيس الاستخبارات عمر سليمان.

وبعد شهر من تنحي مبارك وتكليف المجلس العسكري بقيادة البلاد مؤقتاً زار الرئيس التركي عبدالله غول مصر في مطلع مارس (آذار) والتقى قيادة المجلس.

في 24 يونيو 2012 فاز محمد مرسي في انتخابات رئاسة الجمهورية. لكن بعد حوالي السنة من ذلك اندلعت ثورة 30 يونيو 2013 وأطاحت بالرئيس محمد مرسي وجاءت لاحقاً بالتعيين ثم بانتخاب المشير عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية.

نسوق هذا التسلسل الزمني للأحداث لنقول:

1- إن الرئيس حسني مبارك كان رئيساً منتخباً أكثر من مرة باستفتاء شعبي بمعزل عن آلية الاستفتاء. والأهم أنه كان معترفاً به من قبل «المجتمع الدولي» دون استثناء. ومن تلك الدول كانت تركيا ولاسيما بعد وصول حزب العدالة والتنمية عام 2002 إلى السلطة.

2- عندما اندلعت ثورة 25 يناير 2011 دعا رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان الرئيس مبارك إلى التنحي. وبالفعل في 11 فبراير(شباط) تنحى مبارك. ومن بعدها بشهر فقط زار الرئيس التركي عبدالله غول مصر مهنئاً بالثورة والتقى برئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة محمد حسين طنطاوي. وبالتالي لم يكن مخجلاً لعبدالله غول أن يعلن اعترافه بنتائج الثورة وأن يجتمع ويعترف بمجلس عسكري غير منتخب.

3- في 24 يونيو 2012 انتخب محمد مرسي رئيساً للجمهورية. لكن بعد حوالي السنة اندلعت ثورة 30 يونيو 2013 بنزول أكثر من 25 مليون مصري إلى الشارع. وبإجماع الزعماء السياسيين والدينيين والقوات المسلحة فوّضت وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي قيادة البلاد إلى حين إجراء انتخابات رئاسية جديدة.

لكن تركيا التي اعترفت بنتائج ثورة 25 يناير لم تعترف بنتائج ثورة 30 يونيو. وتركيا التي اعترفت بقيادة القوات المسلحة للبلاد بعد ثورة يناير لم تعترف بالقيادة نفسها بعد ثورة يونيو.

ومن هنا بدأت المشكلة بين تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان ومصر بقيادة عبد الفتاح السيسي. واستفحلت المشكلة بعد انتخاب السيسي رئيساً للجمهورية في انتخابات 3 يونيو 2014. ومع ذلك لم يعترف أردوغان بانتخاب السيسي رغم أنه اعترف سابقاً بانتخاب مرسي. في وقت ليس لأردوغان ولا أي مسؤول أجنبي الحق في الحديث عن كيفية إجراء انتخابات رئاسية أو غير رئاسية لا في مصر ولا في غير مصر.

ومن حينها بدأ أردوغان حملات لم تنته حتى اليوم ضد مصر ورئيسها محتضناً المعارضة المصرية المتمثلة حصراً بالإخوان المسلمين في تركيا ومنصّباً نفسه مدافعاً عن الديمقراطية.

قبل حوالي الشهر (18 أغسطس/آب) شهدت جمهورية مالي الإفريقية قيام الجيش بانقلاب عسكري. وقد فضّل الرئيس إبراهيم كايتا التنازل لمنع إراقة الدماء.

ما يهمنا هنا أن أول زيارة قام بها مسؤول خارجي إلى مالي واجتماعه بقادة الانقلاب كان وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو في 9 أيلول/ سبتمبر الجاري. وقد نقل الوزير تحيات رئيسه والتمني للشعب المالي بالاستقرار والرفاهية.

قد تكون مسارعة المسؤول التركي إلى زيارة مالي رغبة الأتراك في استمرار استئصال مالي لنفوذ جماعة فتح الله غولين هناك، حيث عشرات المدارس التابعة له. لكن اللافت هنا أن من كان ينكر شرعية السيسي ويرفض ما يسميه انقلابا عسكريا (ثورة 30 يونيو) هو نفسه الذي يعترف بل كان أول من يعترف بانقلاب عسكري كامل الأوصاف ويزور مالي ويجتمع بالانقلابيين ماسحاً بشحطة قلم ادعاءات الدفاع عن الديمقراطية.

بعد كل هذا السرد والتوصيف..هل من موجب لمزيد من الكلام؟.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد