: آخر تحديث

الاعلام والدين والمجتمع في خدمة السياسة

49
60
55
مواضيع ذات صلة

قفزة نوعية للأعلام بِشكل مفاجئ ومُتسارع من خلال الواقع الافتراضي واحرازهِا المرتبة الاولى في هذا العصر ، لم تكن قفزة مِهنية ، بل فقط من خلال السرعة والضغط على زر الاقلاع ، بات ملجأ العالم برمتهِ تماشياً مع التطور الحضاري وتبادل الثقافات وسرعة نقل الاحداث واقتناء العلم والمعرفة ، رغم اتجاههِ إلى الانحراف المهني ، لأنها مهما عَلت شأناً تبقى نسبتها الكبيرة محصورة بالاقتصاد السياسي والعكس صحيح  ، لم تنجح الكثير من هذه المؤسسات الاعلامية كأصحاب مهنة لها اساسياتّها وقواعدها الثابتة ، بل التكنولوجيا عبر الانترنت وادمان القارئ على وسائل التواصل الاجتماعي جعلها منبراً لا غِنى عنها ، احتسبت لِنفسها ذلك نجاحا مع بداياتِها حيث انها كانت معتمدة في الاساس على مبدأ ان كل انسان هو بالنسبة لها رقم وليس شجرة ينبغي سقايتها والاهتمام بها , اي بمعنى نجاح ذاتي ، مما جعل بالمنافسة لتكون قوية بين اصحاب المهنة الواحدة لاستقطاب اكبر شريحة للمشاهدة والقراءة ، لكن المنافسة كانت على حِساب الحقيقة التي تاهت في اروقة الممولين الباحثين عن زيادة نسبة مشاهديهم باي ثمن ، لم يكن الهدف هو تفعيل دور المهنة وتأثيرها في ان تكون سلطة رابعة حقيقية للبِناء ، بل كانت ذات غايات سياسية فقدت جزء من مصداقيتها مع مرور الزمن ، والنتيجة دون ادنى شك خسارة غالبية المنافسين مع بقاء القلة في الحفاظ على ادائهم وعدم السماح لإعلامهم بدخول مستنقع المنافسة الغير هادفة  ، فقد بات المشاهد والقارئ يتابع او يقرا كنوع من الاعتياد والفضول والفراغ وحُب الاطلاع  ، وليس كنوع من الفائدة والمعرفة ، ليقينهِ التام ان الثقة باتت تنعدم في معرفة المنتج الاصيل من التقليد ، الامر ليس سيئا جدا فهناك ايضا مؤسسات حافظت على نهجها في ان ترتقي الى القمة وترفع معها فئات من المجتمع بجدارة .
 لا زالت السياسة بسلبياتها تفرض نفسها حيث ان الكثير من الاطفال والجيل الصاعد باتو بعيدين عن الارشاد والتوعية على ارض الواقع ، التخبط جعلهم ايضا في توهان معرفة الطريق الصحيح للمضي قُدماً في الحياة حتى باتت منافذ دخولهم للعالم الافتراضي تكون في الجانب الخاطئ وتزيد من تورطهم في الجهل وهدم افكارهم ، في غياب تام للرقابة الاممية التي كان من المفروض ان تكون راعية للسلطة الرابعة ومنعها من الانخراط في الاجندات السياسية وضبط قوانينها في خدمة الانسان ، السياسة التي تتحكم بالأعلام والدين والمجتمع بكل تأكيد ستؤدي الى انهيار حقوق الانسان ، فقد تم استغلال النقلة النوعية في المهنة لتحريف الاديان وجعلها وسيلة واداة للتطرف ، والاعتماد على من يدعون انهم وكلائها لنشر خطاب الكراهية والعنصرية والتفرقة ، من المؤسف ان يُصبح سلم النجاح هو بحد ذاتهِ بئر السقوط للإنسان مع اليقين التام ان الحفاظ عليها لا يتطلب جهداً كبيراً بقدر ما يتطلب تنسيق وحوار مبني على نقاط هامة اهمها ان اولوياتهم هي الارتقاء بالمجتمعات الى قمة الامان والسلام والتطور والنجاح .
 بنظرة واقعية للأمور وما حصل ويحصل في الشرق الاوسط من احداث يبرهن دون أدنى شك ان الاعلام بات يراوح  في مكانهِ بأدواته التقليدية ، الكثير منها في تخبط واضح للوصول الى الابداع واعادة ثقة المتابع لها , يَتقلص نجاحهم البِدائي المؤقت رويدا رويدا حتى وَصل للهزيمة الغير مُعلنة ، من المؤسف ان ثُلث تلك الاموال التي تُصرف عليهم باتت هدراً ، فَشلوا كأصحاب مهنة ونَجحت السياسة في تدمير ما خططت لهُ ، ولو تم انتقاء الافضل لكانت الاموال التي تذهب هدراً هي بحد ذاتها كافية لنهضة المجتمعات وترميمها في مشاريع تنموية وخدمات انسانية ولكانت النتيجة اسرع في استقطاب الشعوب لمتابعتهم ومنحهم الثقة المُطلقة  .
ان التحليل الموضوعي للأحداث يأتي عبر الفكر والواقعية وتبيان الحقائق ، وليس عبر المهارة باللغة واتقان ترتيب الكلمات والاحرف كنوع من البراعة اللغوية بعيداً عن براعة الضمير والاخلاق والمبادئ والقَيم الانسانية  , فالموضوعية هي من اهم مقومات المصداقية لدى المتلقي  , الثقافة قبل ان تكون علم هي حضارة وَرُقي ، ليسَ بالضرورة ان تمتلك دولة ما اقتصاد متين لِتمول عدة صحف ومواقع اعلامية او قنوات , فأحيانا صحيفة واحدة وموقع ذات سياسة صحيحة وسليمة وابتكار افكار عملية قادرة ان تُشغل المنطقة بمتابعتِها ، التصحيح وارد وأخطاء الامس تَمحوا بالعمل نحو الإرادة الحقيقية ، مع كل اشراقة شمس جديدة يوجد امل بظهور فكر ناضج يستطيع بسهولة ان يَخلق ادوات جديدة واساليب مبتكرة تَمنح الاعلام قفزة نوعية ومميزة نحو النجاح المهني والمجتمعي ، هي مهنة ان أعتلت منصة النجاح يعلوا معها الانسان .

كاتب وباحث سياسي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي